"لأني لست أعرف ما أنا أفعله، إذ لست أفعل ما أريده، بل ما أبغضه فإيّاه أفعل"
( رو 7 : 15 )
ماذا يقصد بولس الحى هو الهنا يسوع المسيح بهذا؟
أ. أفقدت الخطيّة نقاوة البصيرة الداخليّة، فصارت معرفتنا للخطية غير دقيقة، لذا يقول "لست أعرف ما أنا أفعله"... لا بمعنى أن الإنسان يجهل الخطيّة، وإلا لما دين عنها، وإنما قبل الناموس لم يكن قادرًا على معرفتها بدقةٍ، وذلك كما سبق فقال: "فإنني لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لا تشته" [7]. وكما يقول القدّيس يوحنا ذهبي الفم كان الإنسان قبل الناموس لا يعرف الخطيّة بحقٍ ودقةٍ، لذلك أيضًا كان العقاب أقل قسوة من الذين يخطئون وهم تحت الناموس عارفون الخطيّة.
ب. ربّما يقصد هنا بقوله "لست أعرف" لا معرفة الفكر النظري، فإنه بناموس الطبيعة يعرف الإنسان الخطيّة، لكنه يقصد معرفة الإنسان القادر عن الإحجام عنها ومقاومتها ليعمل البرّ عِوض الشرّ، لهذا يكمل الحى هو الهنا يسوع المسيح حديثه: "إذ لست أفعل ما أريده، بل ما أبغضه فإياه أفعل". وكأنه يقول: صرت كمن بلا معرفة لأنني أمارس ما أبغضه. وذلك كمن يشرب الخمور وهو يعرف إنها مؤذية لصحّته، لكن استعباده لها جعله كمن يجهل آثارها عليه.